
بني أنصار.. منطقة النضال تحت تهديد الرموز الأجنبية: كيف تدمّر قرارات اليوم تاريخ الأجداد؟
هبة بريس – محمد زريوح
أثار قرار نصب تذكاري للماريشال محمد أمزيان في ملحقة فرخانة التابعة لجماعة بني أنصار جدلاً واسعاً بين الفاعلين السياسيين في المنطقة. فبالرغم من أن الماريشال أمزيان كان شخصية معروفة في تاريخ المنطقة، فإن العديد من المتابعين يرون في هذا القرار تشويهاً لتاريخ المقاومة الوطنية. فالمغرب، وخاصة مناطق مثل بني أنصار، شهدت نضالاً شرساً ضد الاستعمار، وبالتالي فإن تمجيد شخصية كان لها موقف مغاير قد يثير الكثير من الجدل حول جدوى إحيائه في السياق التاريخي الحالي.
في هذا السياق، جاء انتقاد الفاعل السياسي يحي يحي ليعكس موقفاً قوياً من هذه القرارات. حيث اعتبر أن إطلاق اسم “الفونتي” على الشارع الرئيسي المؤدي إلى مليلية المحتلة يمثل تجاهلاً للتاريخ المقاوم للمنطقة. وفقاً ليحي، فإن تسمية الشارع بهذا الاسم يعكس تهميشاً لرموز تاريخية كانت قد قدمت تضحيات جسيمة في سبيل حرية الوطن. وهذه التصرفات، في رأيه، تشوه ذاكرة المنطقة وتقلل من قيمة رجال المقاومة الذين أسهموا في كفاح الشعب ضد الاستعمار.
يعتبر يحي أن هذه القرارات تعكس نوعاً من التقليل من شأن الأبطال الحقيقيين الذين ضحوا بحياتهم. ويؤكد أن هناك ضرورة لتكريم هؤلاء الرموز الذين قدموا أغلى ما لديهم من أجل حرية الوطن. من هذا المنطلق، يرى أن إطلاق اسم “الفونتي” على الشارع يشكل خطوة غير مبررة في تعزيز قيم المقاومة الوطنية.
ولم يتوقف انتقاد يحي عند تسمية الشوارع فقط، بل انتقد أيضاً قرار تثبيت نصب تذكاري صليب كبير من الرخام في ساحة فرخانة. وفي رأيه، هذا النصب لا يتناسب مع الهوية الثقافية والدينية للمنطقة. فالمغرب في جوهره يحمل تاريخاً حافلاً بنضال الأجداد من أجل الاستقلال، وبالتالي فإن تثبيت رموز لا تتماشى مع هذه الهوية يُعتبر مساساً بمشاعر سكان المنطقة.
ويتساءل يحي عن مغزى تثبيت مثل هذه الرموز في منطقة تاريخها مرتبط بشكل وثيق بالثورات والمقاومة ضد الاحتلال. ويرى أن القرار يمثل إهانة للشعب المحلي، خاصة أن هذه الرموز قد تُنظر إليها كعائق أمام الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية للمجتمع المحلي.
من جانبه، يعتقد يحي أن هذا النصب يُظهر حالة من تجاهل الهوية الوطنية والثقافية للمنطقة، وهو ما قد يُؤدي إلى توترات غير مبررة بين مختلف الأطياف المجتمعية. ويرى أن المجلس الجماعي لبني أنصار يتحمل المسؤولية كاملة عن هذه القرارات التي تتناقض مع تاريخ المنطقة النضالي. ويطالب يحي المجلس بالتحمل الكامل لتبعات هذه القرارات، التي قد تضر بالوحدة المجتمعية وتثير مشاعر الانقسام بين السكان.
وعلى الرغم من انتقاداته، لم يغفل يحي عن الدعوة إلى ضرورة الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. فحسب رأيه، يجب على المجلس الجماعي أن يوجه اهتمامه إلى القضايا التنموية التي تهم السكان المحليين بدلاً من الانشغال بالقرارات المثيرة للجدل. ويشدد على أهمية تحسين الظروف المعيشية للسكان، حيث إن التركيز على القضايا التاريخية قد لا يكون الأولوية في هذه المرحلة.
وفي ختام حديثه، أشار يحي إلى أن المسؤولين يجب أن يتبنوا نهجاً أكثر حسمًا في اتخاذ القرارات التي تمس مصالح المنطقة. فعلى الرغم من أهمية تاريخ المنطقة، يجب أن تكون التنمية الاقتصادية والاجتماعية على رأس أولويات المجالس المحلية. إذ لا يمكن فصل هذه القضايا عن بعضها البعض، ويجب أن يواكب التقدم الاجتماعي والحضاري الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية.
بالمجمل، تبقى هذه القرارات مثار جدل واسع، ما يفرض الحاجة إلى حوار شامل بين مختلف الأطياف السياسية والشعبية في المنطقة. ولعل من الأهمية بمكان أن يتم البحث بعمق في كيفية الحفاظ على هوية المنطقة النضالية، وفي ذات الوقت العمل على تحسين مستوى حياة سكانها وتوفير ظروف أفضل لهم.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X