وسط صمت النظام العسكري.. تأشيرة الهجرة إلى فرنسا تتحول إلى كابوس للجزائريين

هبة بريس

تعيش الجزائر هذه الأيام على وقع أزمة عميقة مع فرنسا، أزمة تتداخل فيها الحسابات الدبلوماسية مع الانعكاسات الاجتماعية، في ظل نظام عسكري يواصل تخبطه في ملفات خارجية لم يعد يملك مفاتيحها.

كابوس حقيقي لآلاف الجزائريين

الأزمة المتصاعدة مع باريس باتت تطال تفاصيل حياة المواطنين البسطاء، خصوصًا فيما يتعلق بالحصول على التأشيرات، حيث تحول الأمر إلى كابوس حقيقي لآلاف الجزائريين، الذين كانوا يراهنون على عطلة صيفية للقاء أهلهم أو استكمال دراساتهم أو مباشرة أعمالهم.

لكن فرنسا، التي ضاقت ذرعًا بمراوغات النظام الجزائري وعبثية مؤسساته، قررت الرد بلغة بيروقراطية قاسية، تتمثل في التأخر المتعمد في معالجة ملفات التأشيرة، وفرض شروط تعجيزية، لا تفسير لها سوى أنها ترجمة ميدانية لتدهور الثقة بين البلدين.

وتعود جذور هذا التوتر إلى ملفات شائكة لم تجد حلاً بسبب تصلب النظام الجزائري، الذي يفضل رفع الشعارات الجوفاء على خوض حوار حقيقي. من الذاكرة الاستعمارية التي يستغلها النظام كورقة استهلاك داخلي، إلى الخلافات حول ملفات إقليمية، كل شيء يوظّف لخدمة حسابات ضيقة لا علاقة لها بمصالح الشعب الجزائري.

ورقة التأشيرات

في الوقت الذي يرفع فيه قصر المرادية شعار “الندية في العلاقات”، يواصل النظام ارتماءه في أحضان قوى بديلة مثل روسيا والصين وتركيا، دون أن يتمكن من نسج علاقات استراتيجية حقيقية، بل يبدو وكأنه يتوسل موطئ قدم في لعبة دولية أكبر منه.

وتتمسك فرنسا بورقة التأشيرات كورقة ضغط فعالة ضد نظام يعلم تمامًا أن شرعيته مهترئة داخليًا، وأن جاليته بالخارج تُستعمل فقط كورقة سياسية.

صيف متوتر دبلوماسيا

الصيف القادم مرشح ليكون صيفًا متوتراً دبلوماسيًا، وقد يكون أيضًا فرصة إضافية لفضح النظام العسكري أمام شعبه، بعد أن بات الجزائريون يكتشفون أن نظامهم لا يستطيع حتى ضمان حق التنقل لأبنائه، فضلًا عن معالجة أزمات أعمق وأكثر إلحاحًا.

وفي النهاية، وكما هي العادة، لا يدفع ثمن هذا العبث إلا المواطن البسيط، الذي يجد نفسه محاصرًا بين الإجراءات الاستبدادية بداخل الجزائر وقيود الخارج، في بلد تحوّلت فيه ملفات الهجرة والسفر إلى ساحة لتصفية الحسابات بين نظام فقد بوصلة السياسة وأصدقاء الأمس الذين بدأوا يديرون له ظهورهم واحدًا تلو الآخر.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى