
مشاريع ملكية “معلقة” بسلا بملايير الدراهم.. ما الخلل؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
لا تزال مدينة سلا تعيش على وقع أسئلة ملحّة تتردد في أوساط المجتمع المدني وسكان المدينة، بشأن مصير مشاريع ملكية ضخمة رُصدت لها اعتمادات مالية بملايير الدراهم، لكنها ظلت، رغم مرور السنوات، مغلقة أو غير مستغلة، وسط صمت رسمي يثير أكثر من علامة استفهام: من المسؤول؟ وأين يكمن الخلل؟.
– مقر المقولات التضامنية.. مشروع بمليار سنتيم في مهب الإهمال
واحد من أبرز هذه المشاريع هو مقر المقولات التضامنية بالقرب من “كارفور”، الذي تحوّل إلى مبنى شبه مهجور، بعدما تم تعليق تدشينه الملكي منذ نحو خمس سنوات. المشروع، الذي كلّف أزيد من مليار سنتيم، خضع لأشغال ترميم بعد تسجيل اختلالات كبيرة في الإنجاز، غير أن أبوابه لا تزال مغلقة، ما حرم العديد من المقاولين الشباب والنساء الحرفيات من فضاء كان من المفترض أن يعزز الاقتصاد التضامني بالمدينة.
المعطيات المتوفرة تشير إلى أن إلغاء التدشين في آخر لحظة جاء عقب وقوف لجنة خاصة على العيوب الواضحة في البناء وتدبير المشروع، وهو ما طال أيضًا شارع السلام الذي كان من المزمع أن يمر منه الموكب الملكي. رغم تخصيص ميزانية ضخمة لإعادة تهيئته – قاربت 3 مليارات درهم – فإن الشارع ظل في حالة مزرية، تظهر من خلال تقشر الإسفلت، وأعمدة الإنارة المتداعية، وتراكم الأزبال في نقط متعددة.
– مستشفى القرب في تابريكت.. تجهيزات بمليارات دون خدمات
مصير مشابه لحق بـ”المركز الطبي للقرب – مؤسسة محمد الخامس للتضامن”، الذي لم يفتح أبوابه أمام المرضى رغم اكتمال بنائه وتجهيزه، ورغم تحديد مواعيد سابقة لتدشينه الملكي، تم إلغاؤها ثلاث مرات متتالية، آخرها في مارس 2023.
المركز الذي بلغت كلفته حوالي 6 مليارات درهم، شُيّد على مساحة 9 آلاف متر مربع، ويضم تجهيزات طبية حديثة، ووحدات متكاملة تشمل المستعجلات، الجراحة، التوليد، الصحة الإنجابية، طب الأطفال، التصوير، التحاليل الطبية، وغيرها. غير أن هذه البنية المتكاملة لا تزال مغلقة في وجه الساكنة، التي تضطر للتنقل إلى مستشفيات الرباط أو المستشفى الإقليمي في سلا، رغم الضغط المهول على تلك المرافق.
– سوق الصالحين… من مشروع نموذجي إلى موضوع تحقيق قضائي
وإذا كانت بعض المشاريع المعلقة ما تزال في مرحلة الغموض، فإن مشروع “سوق الصالحين” – الذي أمر الملك بفتحه بعد تأجيلات متكررة ، دخل طور التحقيق القضائي، بعدما تحوّل من مشروع نموذجي لإعادة تنظيم الباعة والتجارة غير المهيكلة، إلى ملف شائك تتولاه الفرقة الوطنية، بسبب شبهات فساد وتجاوزات في التدبير.
– تساؤلات بلا أجوبة
المشترك بين هذه المشاريع أن جميعها تم إعدادها في إطار المبادرة الملكية للنهوض بالخدمات الاجتماعية، وأنها تندرج ضمن مخططات تروم تعزيز البنية التحتية وتحسين ظروف عيش المواطنين. غير أن تعثرها، سواء بسبب سوء الإنجاز أو ضعف الحكامة أو غياب التنسيق المؤسساتي، يطرح سؤالًا جوهريًا حول المسؤوليات السياسية والإدارية.
ويبقى الرهان، في نظر العديد من الفاعلين المحليين، على تفعيل مبدأ المحاسبة، وعدم السماح بتكرار سيناريو “مشاريع تُنجز لتُغلق”، لأن ثقة المواطنين في المؤسسات لا تُبنى على الحجر فقط، بل على الشفافية والنزاهة والفعالية في تنفيذ وعود التنمية.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X