تنامي “تشيع” مغاربة بلجيكا يضع “بوصوف” في قلب العاصفة

هبة بريس – عيد اللطيف بركة

في تطور مقلق وغير مسبوق، كشفت مصادر موثوقة لـ” هبة بريس ” عن تنامي ملحوظ لحالات التشيع وسط أفراد الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا، خاصة في أوساط الجيلين الثاني والثالث من الشباب.

هذا التحول الديني لا يمكن عزله عن الإخفاق المؤسساتي المستمر لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وعلى رأسه الكاتب العام عبد الله بوصوف، الذي وجد نفسه مجدداً في مرمى الانتقادات.

فالمغرب، المعروف بتشبثه التاريخي بالمذهب السني المالكي، بات يواجه اليوم تحديات عقائدية متزايدة وسط أفراد الجالية ، مقابل غياب أي استراتيجية وقائية أو تأطير ديني منهجي فعال في الخارج، ولعل ما يحدث في بلجيكا ليس سوى نموذج صارخ لفشل المؤسسة المفترض أن تضطلع، نظرياً، بأدوار المواكبة والتمثيل والتأطير، في حماية الهوية الدينية والثقافية لمغاربة العالم.

– عشر سنوات من الميزانيات… دون حصيلة تُذكر

منذ تأسيسه قبل أكثر من عقد، خُصص لمجلس الجالية المغربية بالخارج غلاف مالي سنوي يتجاوز 55 مليون درهم، ورغم حجم هذه الموارد الضخمة من المال العام ، فإن الحصيلة تبقى هزيلة، تكاد تنعدم فيها المؤشرات الدالة على أداء فعلي يُقاس أو يُحاسب.

ورغم مرور أكثر من عشر سنوات، لم يشهد المجلس أي جمع عام بعد جمعه التأسيسي سنة 2008، وهي سابقة تُسائل بشكل مباشر شرعية استمراريته في غياب آليات الرقابة، وغياب الوضوح حول كيفية تدبير الميزانية والبرامج، في ظل إدارة تُتهم بتكريس الزبونية وتهميش الأعضاء الفاعلين.

– إلى ” بوصوف ” …أين صرفت الملايين؟ وأين تقارير المجلس؟

أين تُصرف الميزانية الضخمة؟.. بخلاف بعض الأنشطة الثقافية الهامشية وتنظيم رحلات لحضور مناسبات رسمية، لا تتوفر أي بيانات دقيقة وشفافة حول مصير هذه الأموال.

أين هي التقارير السنوية؟ المادة 12 من الظهير المؤسس للمجلس تنص على ضرورة إعداد تقارير سنوية وعامة تُحلل واقع الهجرة وتوجهاتها، وهو ما لم يحدث إطلاقاً.

لماذا لم يُدرج المجلس ضمن لوائح الافتحاص المالي من طرف المجلس الأعلى للحسابات؟ ألا يُعد هذا استثناءً مريباً لمؤسسة عمومية تُموّل من المال العام؟.

و لماذا تم تجميد أدوار الأعضاء؟ منذ تولي الكاتب العام لمهامه، يتجنب عقد اجتماعات جماعية، مفضلاً لقاءات فردية مع أسماء “مقربة”، في ما يشبه نظام ولاءات داخل مؤسسة من المفروض أن تخضع لقواعد الديمقراطية المؤسساتية.

– تسجيل فشل هيكلي ومحاولات لتمييع النقاش

يحاول البعض اختزال الأزمة التي تعصف بالمجلس في نزاعات الهدف منها تشتيت تتبع أشغال هذا المجلس، غير أن الحقيقة أعمق بكثير، فالمسألة لا تتعلق بخلافات جانبية وظرفية او مفبركة أحيانا، بل بخلل بنيوي في التسيير وفقدان كامل للرؤية والنجاعة، في مؤسسة باتت تُوظف لمصالح فردية، بينما تُترك قضايا الجالية الكبرى دون إجابة أو حتى اهتمام.

– التشيع… مؤشر على غياب التأطير

إن تنامي التشيع بين مغاربة بلجيكا ليس مجرد تحول ديني معزول، بل هو نتيجة مباشرة لغياب مؤسسات فعالة تواكب وتؤطر وتحمي هوية المغاربة في الخارج، فحين يُترك الشباب فريسة للفراغ، فإن البدائل العقائدية العابرة للحدود تصبح مغرية، في غياب خطاب ديني مغربي منفتح، عقلاني ومؤسس.

المجلس فشل، ببساطة، في إدراك تعقيدات الهوية والهجرة والتعدد الثقافي، كما فشل في أن يكون صلة وصل بين الجالية والدولة، واختار بدلاً من ذلك أن يتحول إلى “صالون” بيروقراطي تُدار فيه الأمور بمنطق العلاقات الخاصة، لا منطق السياسات العمومية.

– إلى متى الإفلات من المحاسبة؟

بعد مرور أكثر من عشر سنوات، من حق الرأي العام أن يعرف ماذا تحقق بملايين الدراهم التي رُصدت لمجلس الجالية، ومن حق مغاربة الخارج أن يتوفروا على مؤسسة حقيقية، لا وهم إداري، تتابع قضاياهم وتساهم في تأطيرهم وتدافع عن مصالحهم، داخل الوطن وخارجه.

المسؤولية السياسية تقع اليوم على عاتق الحكومة والمؤسسات الرقابية لإعادة فتح ملف مجلس الجالية من جديد، وتقييم أدائه ومساءلة المسؤولين عن سنوات من الغياب والتقصير، حتى لا تستمر المؤسسات العمومية في إهدار المال العام دون رقيب أو حسيب.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى