بعد إعفاء ولاة مراكش وفاس.. هل يتحمل رئيسا المجلس العلمي المسؤولية؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في خطوة غير مسبوقة، أثار قرار إعفاء والي مراكش وفاس، على إثر واقعة “أضحية العيد”، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدينية بالمغرب، حيث تم اتخاذ هذا القرار بعد أن تم ذبح أضحية العيد بشكل غير مطابق للضوابط المعمول بها، وهو ما أثار استياء واسعاً في المجتمع المغربي.

إلا أن السؤال الذي يبقى مفتوحاً: هل يتحمل رئيسا المجلسين العلميين بمراكش وفاس، مسؤولية هذا الخرق؟

– القرار الملكي: إلغاء شعيرة الأضحية حفاظاً على الثروة الحيوانية

في خطوة استباقية تهدف إلى الحفاظ على الثروة الحيوانية بالمغرب، أصدرت إمارة المؤمنين قراراً ملكياً يقضي بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى بشكل جماعي، وذلك نتيجة الظروف الصحية والاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى التخوفات من تدهور صحة القطيع، القرار الملكي كان هدفه واضحاً وهو الحفاظ على القطيع الوطني وضمان سلامته في ظل الظروف الاستثنائية.

وقد تبعت هذه الخطوة دعوة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمواطنين والسلطات المحلية للامتثال للقرار الملكي، والحد من ظاهرة الذبح الجماعي خارج الضوابط المحددة، إلا أن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئاً.

– واقعة مراكش وفاس: تفاعل السلطات مع التحدي

الواقعة التي دارت رحاها في كل من مراكش وفاس كانت بمثابة “صدمة” في ظل حضور والي مراكش مع مجموعة من المسؤولين في عملية الذبح غير المشروعة، فلم يكن الأمر مجرد تجاوز لقرار ملكي، بل كان بمثابة تحدٍ للسلطات الرسمية، وعلى الرغم من حضور الواليين، لم تُسجل أي تدخلات مباشرة من قبل وزارة الأوقاف، مما يفتح المجال أمام تساؤلات عميقة حول دور المجالس العلمية ودورهم في مراقبة تنفيذ قرارات إمارة المؤمنين.

بالتوازي مع هذا، تجدر الإشارة إلى أن رؤساء المجالس العلمية في مراكش وفاس لم يقوموا بتوجيه تنبيهات واضحة للواليين بضرورة الامتناع عن المشاركة في عمليات الذبح، وذلك بهدف ضمان احترام قرارات الإمارة السامية، لكن، رغم ذلك، لم يكن للمجالس العلمية دور فعّال في لجم التجاوزات التي شهدتها المدينتان.

– المسؤولية الدينية والإدارية: هل يتحمل رؤساء المجالس العلمية المسؤولية؟

الجدل الكبير الذي أثير حول إعفاء الواليين، من جهة، بحكم ان هذا الخطأ يثير الشك بحكم مكانة الولاة في أقوى وزارة بالمملكة نادرا ما ترتكب مثل هذه الاخطاء لعدة اعتبارات أهمها ان رجال الداخلية لايتصرفون من أنفسهم بل تحكمهم طبيعة عمل شديدة الحرص على احترام القانون والتعليمات ، لكن في الاتجاه الأخر شكل غياب رد فعل حاسم من وزارة الأوقاف من جهة أخرى، يدفع للتساؤل: هل كان من المفترض أن يكون لرؤساء المجالس العلمية دور أكبر في هذه القضية؟

إن المجالس العلمية في المغرب تمثل الجهاز الديني الذي يشرف على تطبيق الفتاوى والتعليمات الدينية، وفي ظل هذه الواقعة، كان من المتوقع أن يكون لديها دور رقابي فاعل لضمان احترام القرارات الشرعية والإدارية على حد سواء، لكن عدم اتخاذ أي إجراء قوي من طرف الوزارة في هذا السياق يجعلها عرضة للانتقاد.

الدرس المستفاد من واقعة مراكش وفاس هو أهمية التنسيق بين السلطات الدينية والمدنية، فعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة للحفاظ على استقرار المجتمع وموارد الثروة الحيوانية، فإن حادثة الأضحية في مراكش وفاس تبرز أهمية التنسيق الفعّال بين السلطات الدينية والمدنية.

فلا يمكن لأي جهة، سواء كانت إدارية أو دينية، أن تتحمل المسؤولية وحدها في ضمان تطبيق القرارات، بل يجب أن يكون هناك تناغم تام بين مختلف المؤسسات لتحقيق هذا الهدف.

بينما تعتبر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الركيزة الأساسية في توجيه المواطنين وتوعيتهم بالقرارات الملكية، فإنه يبقى السؤال قائمًا: هل يمكن لهذه الوزارة أن تبرر غياب دورها في قضية بهذه الحساسية؟ لا شك أن التحدي المستقبلي يكمن في تعزيز دور المجالس العلمية في هذه الأمور، وتفعيل آليات التنسيق بين السلطات الحكومية والدينية بما يضمن المصلحة العامة ويمنع حدوث مثل هذه الوقائع في المستقبل.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى